علماء المناخ يهجرون منصة تويتر

علماء المناخ يهجرون منصة تويتر

02 يونيو 2023
عالمة المناخ الشهيرة كاثرين هايهو (توماس كويكس/فرانس برس)
+ الخط -

يهجر عدد من العلماء منصة تويتر بسبب ما يواجهونه عليها من إهانات تصل إلى حد التهديدات، بعدما تصاعد حضور التوجهات الإنكارية للأزمة المناخية منذ استحواذ إيلون ماسك على الشبكة الشهيرة.

أعلن بيتر غليك، وهو خبير في المناخ والمياه يتابعه ما يقرب من 99 ألف حساب على "تويتر"، في 21 مايو/ أيار، توقفه عن التغريد عبر المنصة، متهماً إياها بتضخيم العنصرية والتمييز على أساس الجنس. وقال الباحث إنه معتاد على "الهجمات العدوانية والشخصية" التي تصل إلى حد "التهديدات الجسدية المباشرة". لكنه أشار، في حديثه لوكالة فرانس برس، إلى أنه "في الأشهر الأخيرة، منذ وصول المالك الجديد والتغييرات التي أجريت على تويتر، ارتفع حجم الهجمات وشدّتها بشكل كبير".

منذ شراء "تويتر" قبل ستة أشهر، خفف الملياردير إيلون ماسك القيود المرتبطة بقواعد الإشراف على المحتويات الإشكالية، وأعاد تفعيل حسابات محظورة سابقاً لشخصيات بارزة مثل دونالد ترامب.

وحلل روبرت رودي، من جمعية بيركلي إيرث، نشاط مئات الحسابات لمتخصصين يحظون بمتابعة واسعة يتحدثون عن علوم المناخ، قبل صفقة شراء إيلون ماسك لـ"تويتر" وبعدها. وخلص رودي إلى أن هذه التغريدات لم يعد لها الصدى عينه، فقد انخفض متوسط عدد "الإعجابات" عليها بنسبة 38 في المائة، وأعيد تغريدها بنسبة 40 في المائة أقل.

لم تعلّق "تويتر" مباشرة على التغييرات التي طرأت على خوارزمياتها التي تؤدي إلى زيادة النشاط والرؤية على الشبكة. ولدى محاولة "فرانس برس" التواصل معها، ردت الخدمة الصحافية في "تويتر" برسالة إلكترونية تلقائية باتت معتمدة منها منذ استحواذ ماسك على الشبكة، وتتضمن رمزاً تعبيرياً على شكل كومة براز. ومع ذلك، أوضح ماسك، في يناير/ كانون الثاني، الفلسفة الكامنة وراء التغييرات، إذ قال: "يجب أن يرى الأشخاص على اليمين المزيد من المحتويات من اليسار، ويجب أن يرى الأشخاص على اليسار المزيد من المحتويات من اليمين. ولكن يمكنكم استخدام خاصية الحظر إذا كنتم تريدون البقاء في غرفة للصدى".

في تحليل آخر، درست عالمة المناخ الشهيرة كاثرين هايهو التفاعلات مع تغريدة واحدة نشرتها طواعية مرتين، قبل صفقة الاستحواذ على "تويتر" وبعدها. وقالت هايهو إن ردود المتصيدين أو الحسابات الآلية التي تنشر معلومات مضللة بانتظام زادت من 15 إلى 30 مرة مقارنة بالعامين الماضيين.

وقرر أستاذ علوم الغلاف الجوي في جامعة تكساس إيه أند إم، أندرو ديسلر، نقل معظم نشاطه التواصلي بشأن المناخ إلى منصة أخرى تسمى "سَبستاك"، وقال: "التواصل المتعلق بالمناخ على تويتر بات أقل فائدة الآن، لأنني أرى أن مشاركاتي على تويتر تحصل على تفاعل أقل"، وأشار إلى أنه "رداً على أي تغريدة تقريباً حول تغير المناخ، تغمرني ردود من حسابات موثقة، بادعاءات مضللة". تخلى آخرون ببساطة عن "تويتر".

ووفقاً لحسابات كاثرين هايهو، فمن أصل 3 آلاف عالم مناخ شملهم تحليلها، اختفت حسابات مائة منهم بعدما اشترى ماسك الشبكة.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

وكان حساب عالمة الجليد روث موترام يضم أكثر من 10 آلاف متابع على "تويتر"، لكنها اختارت ترك المنصة في فبراير/ شباط، للانضمام إلى منتدى العلماء في "ماستودون"، وهي شبكة اجتماعية لامركزية أنشئت عام 2016. وأبدت موترام سعادتها لأنها وجدت بيئة "أكثر هدوءاً" هناك، وقالت لـ"فرانس برس": "لم أواجه أي إهانات أو حتى أي أشخاص يشككون في تغير المناخ".

ورأى عالم المناخ المشهور في جامعة بنسلفانيا مايكل مان، وهو يتعرض لهجمات على الإنترنت باستمرار، أن تزايد المعلومات المضللة "يُنظّم ويُنسق" من جانب معارضي سياسات المناخ. في كتاب نُشر عام 2022 عنوانه "حرب المناخ الجديدة"، تحدث مان عن جهود من منتجي النفط لتشجيع إنكار المناخ على الشبكات الاجتماعية، وصرح لـ"فرانس برس" بأنّ "المتصيدين المحترفين يتلاعبون بالبيئة على الإنترنت من خلال منشورات استراتيجية تولّد منازعات وتبثّ التفرقة".

انتشرت معلومات مضللة عن التغير المناخي بصورة كبيرة عبر الإنترنت خلال عام 2022، على ما أفاد باحثون. وقالت جيني كينغ، من معهد استراتيجيك دايلوغ، الذي يضم مجموعة من الخبراء ويتخذ من لندن مقراً، في فبراير/ شباط، إن "ما فاجأنا بالفعل هذا العام هو عودة ظهور لغة كانت منتشرة خلال الثمانينيات تنكر وجود ظاهرة التغير المناخي". ومن بين الادعاءات المضللة الأكثر انتشاراً تلك التي تلفت إلى أنّ ثاني أكسيد الكربون لا يلعب دوراً في التغير المناخي، أو أنّ الاحترار المناخي ليس ناجماً عن الأنشطة البشرية، على ما ذكر تقرير لـ"كلايمت أكشن أغينست مِسإنفورميشن"، وهو اتحاد من الجمعيات.

وأحصى تحليل أجراه متخصصان في المعلوماتية من جامعة سيتي يونيفرسيتي في لندن 1.1 مليون تغريدة أو إعادة نشر تغريدة تحوي مصطلحات تنطوي على شكوك في مسألة المناخ، كُتبت عام 2022. ويوازي عدد هذه التغريدات قرابة ضعف ما نُشر في السياق نفسه عام 2021، وفقاً للباحثَين ماكس فلكنبرغ وأندريا بارونكيلي. ولاحظ الاثنان أن انتشار المعلومات المضللة عن التغير المناخي بلغ معدلات مرتفعة جداً في ديسمبر/ كانون الأول، بعد شهر من قمة كوب27 واستحواذ ماسك على "تويتر".

المساهمون